عبد الرحيم منار اسليمي: الانتخابات التشريعية المقبلة محطة اختبار لشعار تحديث الدولة وتجديد نخبها السياسية
يعتبر عبد الرحيم منار اسليمي أستاذ العلوم السياسية في جامعة محمد الخامس في الرباط أن الانتخابات التشريعية المقبلة تعتبر محكا لمدى نجاعة سعي الدولة إلى تحديث مؤسساتها ونخبها، وأن نسبة المشاركة سوف تكون مؤشرا دالا وأن الإسلاميين المغاربة فقدوا الكثير من قوتهم على الرغم من انتصارات إسلاميي دول الجوار.
فرانس 24: ماهي الرهانات الكبري التي تحملها الانتخابات التشريعية في 25 من الشهر الجاري؟
في اعتقادي هناك ثلاث رهانات كبرى تحملها انتخابات 25 نوفمبر المقبل:
أولا، هناك رهانات تتعلق بإصلاح مؤسسات الدولة وتجديد طبيعة النخب السياسية الموجودة داخلها، فمنذ انطلاق النقاشات حول الدستور الجديد إلى غاية التصويت عليه بعثت الدولة عددا من الإشارات حول إصلاح الدولة وتجديد النخب. وأعتقد أن أول اختبار لمدى نجاعة هذه الدعوات هو محطة الانتخابات التشريعية في 25 نوفمبر
إعداد فرانس 24
ثانيا هو رهان المشاركة السياسية على اعتبار أن هناك حركة احتجاجية تدعو إلى المقاطعة، ويبقى التحدي أمام الدولة هو أن يقترب معدل المشاركة خلال الانتخابات التشريعية المقبلة من الرقم الذي تحقق خلال الاستفتاء على الدستور والذي بلغ 73 في المائة.
ثالثا تغيير النخب السياسية وهو رسالة واضحة بعثتها الدولة وحرصت على توجيهها من خلال اللائحة الوطنية للشباب والنساء، مفادها ضرورة توفر نخب جديدة تواكب الدستور الجديد وتعمل على بلورته وتفعيله.
هي ثلاث رهانات كبرى إذن تحكم الانتخابات التشريعية المقبلة، مع وجود فارق مهم بين منطق تفكير الدولة ومنطق تفكيرالأحزاب السياسية الذي ظل إلى اليوم منطق براغماتي يكتفي بالبحث عن المقاعد داخل المؤسسات. وفي نظري إن التحدي أمام الأحزاب السياسية هو مدى قدرتهاعلى إقناع فئات واسعة بالمشاركة.
فرانس 24: يعرف المحيط العربي والإقليمي صعودا ملحوظا للإسلاميين مع فوز حزب النهضة في تونس وانتصار الإسلاميين في ليبيا. ما تأثير ذلك على حظوظ الإسلاميين المغاربة خلال الانتخابات المقلبة؟
أعتقد أن التأثير الإقليمي على نتائج الانتخابات التشريعية في المغرب يبقى تأثيرا ضعيفا. في المقابل هناك متغيرات أخرى قد تتحكم في نتائج الانتخابات المقبلة: هي المتغير الأمريكي والمتغير الأوروبي. لقد لاحظنا مؤخرا أن العديد من استطلاعات الرأي الأمريكية تستبعد فوز الإسلاميين المغاربة في الانتخابات. كما أن وضع الإسلاميين في المغرب ليس هو نفس وضع الإسلاميين في الدول الأخرى، ذلك أن الإسلاميين المغاربة سبق أن شاركوا في الحياة السياسية والحزبية بشكل رسمي، من خلال نموذج حزب العدالة والتنمية، وتم إدماجهم في اللعبة السياسية وأصبحوا اليوم فاعلا سياسيا وحزبيا عاديا، وهذا يختلف على ما هو عليه الوضع في باقي الدول الأخرى.
بالإضافة إلى ذلك هناك اختلاف على مستوى البناء الحزبي بين المغرب وباقي البلدان الأخرى التي شهدت بروزا للإسلاميين، هي أن المغرب فيه أحزاب سياسية أخرى منافسة للإسلاميين وتتميز بالفعالية الانتخابية وراكموا من التجارب الانتخابية ما يظهر في أدائها الانتخابي.
وفضلا على ذلك فإن إسلاميي حزب العدالة والتنمية فقدوا جزءا من الشارع بسبب موقفهم السلبي من حركة 20 فبراير، وخسروا حليفا هاما تمثله جماعة العدل والإحسان التي عادة ما يظهر ثقلها خلال الحملة الانتخابية وعملية التصويت. كما أن حزب العدالة والتنمية بعيد إلى حد ما عن المكونات السلفية الأخرى.
وأريد أن أشير كذلك إلى عامل آخر هو أن الإسلاميين المغاربة فقدوا الكثير من تأثير ما يمكن تسميته ب "المظلومية السياسية" التي استثمروها خلال انتخابات 2002 و2007 كما أن الحزب لم يعد يحتكر طريقته التي سلكها خلال الانتخابات السابقة من خلال الرهان على الجمعيات بل أصبحت هناك أحزابا أخرى تزاحمه في ذلك. كما لا ننسى الموقف المؤيد للسلطة الذي اتخذه حزب العدالة والتنمية خلال النقاشات التي سبقت الاستفتاء على الدستور.
فرانس 24: ما الأثر الذي يمكن أن تحمله الانتخابات التشريعية المقبلة على فعالية حركة 20 فبراير في قيادة احتجاجات الشارع وتوجيهها؟
أعتقد أنه يجب التمييز بين حركة 20 فبراير والديناميكية التي خلقتها هذه الحركة، فحركة 20 فبراير هي اليوم حركة ضعيفة، أما الدينامكية التي خلقتها فهي اليوم في حالة سكون بعد الاستفتاء على الدستور ونسبة المشاركة التي عرفها. ويبقى رهان حركة 20 فبراير هو أن تعيد إحياء هذه الدينامكية من جديد.
وأعتقد أن الحركة لن يكون لها تأثير على الانتخابات، والانتخابات لا يمكنها أن تستوعب الحركة لأن 20 فبراير تحمل مطالب سياسية ذات سقف آخر. حركة 20 فبراير سوف تستمر رغم ضعفها، وفي تقديري علينا مراقبة تأثيرها بعد مرور الثلاثة أشهر الأولى من تشكيل الحكومة الجديدة التي يجب عليها أن تبعث بالرسائل المناسبة على المستويات الاقتصادية والاجتماعية.