الأنشطة الاقتصادية :
إن تناول الإطار البشري لأي مجال من المجالات يقتضي دراسة الأنشطة الاقتصادية التي تتواجد بذلك المجال. ومن هذا المنطلق، ارتأينا التطرق إلى الأنشطة الاقتصادية بإقليم تزنيت، وتناولنا لها سيكون حسب القطاعات وذلك كما يلي :
1- القطاع الأول :
1- 1 الفـلاحة :
إن قلة التساقطات المطرية وضيق المساحة الصالحة لزراعة عاملان يعيقان تطور القطاع الفلاحي بالإقليم، فهذه المساحة لا تتجاوز 185400 هكتار أي ما يعادل 23 % من المساحة الإجمالية للإقليم. بينما تستحوذ الأراضي غير الصالحة للزراعة على 450900 هكتار.
1- 1- 1 الـزراعة :
الزراعة التي تمارس في الإقليم تدخل في إطار الفلاحة المعاشية، تسير في استغلاليات تقليدية. بعض المزروعات تمارس في مساحات مسقية. غير أن المساحة الإجمالية لهذه الأخيرة لا تتجاوز 5200 هكتار أي ما يمثل أقل من 2.8 % من المساحة الصالحة لزراعة. وفي ما يتعلق بتوزيع المساحة المزروعة يلاحظ أن زراعة الحبوب تشغل 90 % من الأراضي المزروعة منها الشعير الذي يستحوذ على 62000 هكتار من المساحة الصالحة للزراعة، وعلى عكس ذلك فإن باقي الحبوب- القمح الطري، القمح الصلب والذرة- لا تتركز إلا في 9200هكتار.
الإنتاجية تتدبدب ما بين سنة وأخرى تبعا للظروف المناخية الخاصة بكل سنة فلاحية، ولخضوعها لكيفية الاستثمار الزراعي، هذا الأخير يتميز بعتاقة وسائل الإنتاج وبضعف المكننة.
أمابالنسبة للفصائل الشجرية المتواجد بالإقليم، فيعد اللوز أهمها، هذا الأخير يغطي مساحة تناهز 6110 هكتار، 65 % منها بدائرة تافراوت أما إنتاجيته السنوية فتقدر ب 250 طن. ويأتي الزيتون في المرتبة الثانية من حيث الأهمية إذ يشغل مساحة تناهز 2450 هكتار، 53% منها بدائرة تزنيت. بالإضافة إلى ذلك، هناك النخيل الذي يشغل مساحة تصل إلى 1565 هكتار، 65 % تتواجد بأفلا إيغير ( دائرة تافراوت)(14).
1- 1- 2 تربيـة الماشية :
تعد تربية الماشية نشاطا مكملا للنشاط الزراعي في إقليم تزنيت وتشكل أحيانا المورد الأساسي للسكان خصوصا في المناطق غير الصالحة للزراعة، أو التي تقل فيها الموارد المائية. ويتميز هذا الإقليم بانتشار العديد من المناطق الرعوية.غير أن الملاحظ هو أن مختلف المواشي ترتبط أهميتها وأعدادها بأهمية التساقطات، ولكي تتضح هذه النقطة، فأعداد البقر، الغنم والماعز هي على التوالي : 59000، 203000 و267690 رأسا خلال سنة 1993، وفي سنة 1998، هذه الأرقام استقرت عند 34000، 145000 و120000 رأس. ويعزى هذا لكون هذا القطاع لازال تقليديا، أما تربية الإبل فهي ضعيفة ولا ترقى إلى مستوى الفصال الحيوانية الأخرى إذ لا يتجاوز عددها 150 رأس.
1- 1- 3 الغابـات :
تغطي الغابات الطبيعية على مستوى إقليم تزنيت مساحة تناهز 183700 هكتار(15)، 94% منها مغطاة بشجر الأركان الذي يتمركز بالخصوص في دائرتي أنزي وسيدي إفني. كما نسجل تواجد فصائل شجرية أخرى لكن بنسب أقل، نذكر منها السنوبر والبلوط الأخضر.
إن المميزات الطبيعية لهذا الوسط تساهم في تنوع بيولوجي مهم مما يجعل هذه الغابات تشكل ثروة لا تقدر بثمن، وتساهم في التطور الاقتصادي والاجتماعي للوسط القروي المجاور لها، فإلى جانب الوظيفة الطبيعية للغابة فإنها تزود السكان المجاورين بالحطب، زيت الأركان، ينضاف إلى ذلك غناها بالطرائد دون أن ننسى أهميتها السياحية.
لكن وبسبب المناخ الجاف والاستغلال الفلاحي المتزايد، فقد أصبح الغطاء النباتي للغابات في الإقليم لا يتجاوز 50% ويقل تدريجيا تحت تأثير العوامل السالفة الذكر.
1- 2 الصيـد البحري :
يعد الصيد البحري نشاطا أساسيا في اقتصاد الإقليم، نظرا لطول الساحل الذي يمتد على 120 كلم، يضاف إلى ذلك أهمية الثروة السمكية الموجودة بالمنطقة. هذه الأخير تختزن العديد من الأصناف السمكية، منها ما تنفرد به المنطقة على الصعيد الوطني ومنها كذلك ما يسعر في السوق بأثمنة باهضة، وهكذا نجد تواجد كل من الكرنكد Langouste وهو سرطان بحري، الحبارة Le Calmar وهي رخوية ذات أدرع عشر تفرز سائلا أسود كالحبر، بالإضافة إلى ذلك نجد سمك المرجان والقاروس Le Loup (16) …
ونظرا لهذا الغنى من حيث الثروة السمكية كان من الطبيعي أن يتواجد أسطول مهم للصيد ولو بصورة محتشمة. وهكذا نجد صنفين من الصيد، أولاها الصيد الساحلي، الذي يمارس بإفني وعدد القطع البحرية المرخص لها هناك فتبلغ 24، تنضاف إليها أخرى قادمة من المدن المغربية الأخرى خصوصا أكادير أسفي طنطان والعيون. هنا يوجه الإنتاج في جزء منه للإستهلاك المحلي وجزء آخر يتخذ ميناء إفني كمعبر لتصريفه في الأسواق الوطنية الأخرى، بينما يوجه الباقي نحو المصانع المتخصصة في صناعة المعلبات.
أما الصنف الثاني فيتمثل في الصيد التقليدي الذي يعتبر نشاطا أساسيا ليس في ميناء إفني فحسب بل في جل مراكز الصيد الصغيرة المنتشرة على طول ساحل الإقليم، الأمر الذي يؤدي إلى تحسين الوضعية الاقتصادية لفئات سكانية محلية، هذا الأسطول التقليدي يتشكل من 239 فلك للصيد. هنا الإنتاج يوجه نحو السوق المحلية فقط.
كانت هذه إذن، لمحة بسيطة عن واقع الصيد البحري في الإقليم، واقع يبرز ضعف البنية التحتية، حيث باستثناء مدينة سيدي إفني التي تتوفر على ميناء للصيد، فإن باقي المناطق الساحلية من الإقليم خالية من كل ما يعزز هذا القطاع من حيث التجهيزات.
2- القطاع الثاني :
2- 1 الصنـاعة :
يعتبر القطاع الصناعي أحد ركائز التنمية الاقتصادية، إذ يكتسي مكانة بارزة في الاقتصاد الوطني وتقدر مساهمته في الناتج الداخلي الخام حوالي 15%. غير أن هذا القطاع يعد ضعيفا بالإقليم، رغم المؤهلات والإمكانيات المتوفرة والقادرة على تطويره.
يرتبط القطاع الصناعي على مستوى إقليم تزنيت في معظمه بصناعات المقالع والصناعات الأخرى الكيماوية والشبه الكيماوية، بينما الصناعة الغذائية - الفلاحية تبقى مرتبطة بالصيد البحري، مما يجعلها صناعة موسمية نظرا لارتباطها بالتموين من السمك وبالراحة البيولوجية.
ويبلغ عدد الوحدات الصناعية بالإقليم حوالي 126 وحدة، أهمها على الإطلاق وحدة تحويل البلاستيك، المطاحن الكبرى لتزنيت ومركز تعبئة الغاز، بالإضافة إلى وحدات استخراج الرخام… كما أن الإقليم يتوفر على منطقة صناعية واحدة مجهزة هي المنطقة الصناعية لسيدي إفني، التي أنشئت سنة 1987، وتجدر الإشارة إلى أن هذا القطاع يتطور بوثيرة تبلغ حوالي 25 مليون درهم سنويا. غير أن التنمية السياحية تواجه عدة عراقيل أهمها المستوى المرتفع للضرائب، وثقل الإجراءات الإدارية.
وعموما فالقطاع الصناعي بالإقليم يبقى قطاعا بكرا؛ ذو فرص هامة للاستثمار، فالبنية التحتية الأساسية بالوسط الحضري لكل من تزنيت وسيدي إفني قادرة على استقبال جميع أنواع الصناعات. مما يؤشر على آفاق واعدة لهذا القطاع، إذا توفرت إرادة حقيقية للنهوض به(17) .
2- 2 الصناعة التقليدية :
تعد الصناعة التقليدية قطاعا مهما في اقتصاد الإقليم، حيث يتميز هذا الأخير بغناه من حيث الإرث الثقافي والفني. وتكمن أهمية هذا القطاع في كونه يشغل يدا عاملة لا يستهان بها، ويلعب دورا أساسيا في تطوير السياحة بالمنطقة. و تمارس بالإقليم العديد من الحرف التقليدية منها الدباغة، صناعة الأحذية، غير أن أهم هذه الحرف هي صناعة الحلي خصوصا الفضية منها، ذلك أن منتوجات الإقليم من هذه المادة دائعة الصيت ليس في الجنوب المغربي فحسب بل في جميع أنحاء البلاد. ويضم الإقليم أزيد من 3400 ممارس لهذا النشاط، يزاولون بشكل فردي أو في إطار تعاونيات، حيث تتواجد بالإقليم ثمان تعاونيات للصناعة التقليدية، 12 جمعية لهذه الصناعة. وهكذا فهذا القطاع يلعب دورا مهما في تعزيز مكانة الإقليم اقتصاديا واجتماعيا، لكن الصناعة التقليدية ما زالت تعاني من التهميش والإهمال. وهذا ما يؤدي بالعديد من الحرفيين إلى مغادرة هذا القطاع، والبحث عن آفاق أرحب قصد تحسين ظروفهم المعيشية(18).
3- القطـاع الثالث :
3- 1 التجـارة :
تطغى الميزة التجارية على نشاط غالبية ساكنة الإقليم، إذ يبلغ عدد التجار حوالي 4000 تاجر. ومن بين مجموع تجار الإقليم يتمركز 78% في الوسط الحضري، و 22% في الوسط القروي. ويتميز الإقليم بانتشار شبكة كثيفة من الأسواق، حيث يضم سوقا للحبوب، سوقا للخضر بالجملة، وأيضا سوقا للسمك، وينضاف إلى ذلك كله أربعة أسواق بلدية و50 سوقا أسبوعيا تابعا للجماعات القروية.
ومعظم المستهلكين يتزودون عن طريق الأسواق الأسبوعية، هذه الميزة تحظى بأهمية كبيرة لأنها تساهم في ازدهار هذه الأسواق بالإقليم إلا أن ما يلفت الإنتباه هو أن بعض أسواق المنطقة تتسم بصفة الموسمية حيث تؤثر حركة رجوع المغاربة القاطنين بالخارج في رواج هذه الأسواق إذ يزدهر الرواج خلال هذه الفترة - من يوليوز إلى بداية شتنبر - وكمثال على ذلك سوقي تافراوت وأنزي. كما أن الأسواق الأسبوعية القريبة من مدينة تزنيت تشكو من ضعف كبير في الرواج وذلك لفعالية الشبكة الطرقية بالمنطقة التي تربطهم بالمدينة وتواجد وسائل المواصلات بكثرة مما يشجع المستهلكين على التزود مباشرة من مدينة تزنيت كمثال على ذلك جماعة أكلوا والمعدر. وعلى النقيض من ذلك فإن بعض المناطق كجماعة أيت احمد تشكوا من احتمال العزلة وذلك إثر تساقط الأمطار بغزارة مما يجعل مرور شاحنات البضائع والسلع صعبا.
وباستثناء بعض الصعوبات الهامشية فإن الميدان التجاري بتزنيت لديه جميع الإمكانيات من حيث التجهيزات للرقي إلى درجة مشرفة على الصعيد الوطني. وعموما فالقطاع التجاري يتميز باستقرار في وثيرة نموه. مما أعطى لتجار وتجارة الإقليم بعدا وطنيا ودوليا أيضا نظرا لتمرس أهلها على مبادئ التجارة(19) .
3- 2 السيـاحة :
ينعم إقليم تزنيت بإمكانيات سياحية مهمة تشكل مجالا جدابا لأعداد مهمة من السياح وطنيين كانوا أم أجانب، ذلك أن المنتوج السياحي للإقليم يعتبر متكاملا حيث نسجل تواجد الجبل، الشاطئ، السهل والواحة. هذا التنوع يعزز مكانة الإقليم السياحية، أكثر من ذلك يتوفر الإقليم على مناظر خارقة للعادة كما هو الشأن بالنسبة لقمم الجبال بتافراوت، حيث تفاعلت العوامل المورفومناخية مكونة أشكالا باهرة. وإلى هذا التنوع تنضاف الأهمية التاريخية للإقليم، حيث المنحوتات الصخرية وسور تزنيت اللذان يشهدان على التاريخ الغـنـي للإقليم.
هذه الإمكانيات أغرت العديد من المستثمرين، جلهم من أبناء المنطقة القاطنين بالخارج، للإستثمار في الميدان السياحي، فتكونت بالإقليم بنية سياحية لابأس بها تضم 9 فنادق مصنفة و45 فندقا غير مصنف و4 مخيمات. ولأخذ نظرة عن أعداد السياح، فقد بلغ مجموع السياح الوافدين على الإقليم سنة 1998 حوالي 77450 وبلغ عدد ليالي المبيتات حوالي 91300 (20) .
كانت هذه إذن لمحة موجزة عن واقع السياحة بهذا الإقليم، واقع لا يرقى إلى مستوى المؤهلات التي تزخر بها المنطقة، كما لا يرقى كذلك إلى مستوى الطموحات التي ينشدها الجميع.
3- 3 النقـل :
نظرا لموقعه الجغرافي، يعد إقليم تزنيت محورا للربط بين شمال وجنوب المملكة. ولا تخفى أهمية قطاع النقل، ذلك أن كل الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية ترتبط به ارتباطا وثيقا. من هذا المنطلق، فالنقل العمومي للمسافرين بالإقليم يؤمن بواسطة 116 حافلة، منها 76 حافلة عابرة للإقليم. أما النقل السياحي فتسهر على تأمينه 15 شركة، منحت لها 35 رخصة، وأغلبية هذا النوع مخصص لأبناء المنطقة القاطنين بالخارج.
وفيما يتعلق بالربط بين مختلف مناطق الإقليم فقد خصص لهذا الغرض 427 سيارة أجرة من الصنف الأول و87 سيارة أجرة من الصنف الثاني(21) .