شكلت جمعيات آباء وأولياء التلاميذ ولا تزال مكونا أساسيا، وركنا مهما ضمن الأطراف المتدخلة في العملية التعليمية التعلمية. كما ظلت تمثل إلى جانب الإدارة التربوية مساهما فعالا في تطوير الفعل التربوي داخل المدرسة المغربية منذ زمن بعيد .
وانطلاقا من الأدوار التي تضطلع بها، فقد خصها المشرع بمكانة مهمة ومتميزة، ضمن لها تواجدا خاصا ضمن بعض الهياكل التي تسعى للرفع من وتيرة العملية التربوية، للاستفادة من مكانتها الرمزية وقوتها الإقتراحية الهادفة ،كما خصص لها مقعدا ضمن مجلس التدبير، والمجالس الإدارية للأكاديميات الجهوية… .
كما تحولت في الآونة الأخيرة إلى جهاز فعال للدفاع وحماية حقوق التلاميذ التي تنتهك إما من قبل الأساتذة، أو الإدارة التربوية، لدرجة أنها في بعض المواقع أصبحت تمثل رقابة فعلية بطريقة أو بأخرى لصالح التلميذ والأستاذ أحيانا .
لكن التحولات المجتمعية التي تعرض لها المجتمع المغربي، والنزيف الخطير الذي أصبحت تتعرض له القيم الإنسانية رويدا رويدا،وانعكاسات ذلك على المجتمع المدني بشكل أوتوماتيكي. أصاب هذا الإطار في الصميم، فحوله من جهاز متميز ذي أدوار طلائعية، إلى جهاز أصبح عرضة وملجأ لبعض ضعاف الضمائر والباحثين عن الإثراء والجشع، ولو على حساب التلاميذ الذين يرمزون طبعا للبراءة وجيل المستقبل و..و…
وهكذا فإن تأملا بسيطا للساحة التربوية يمكننا من تصنيف الأنواع التي ظهرت في جمعيات الآباء إلى ثلاثة وهي :
الصنف الأول :صنف انتهازي يسطو بطريقة بشعة على المكتب – الذي يلجه كل من هب ودب -عبر التحكم في تاريخ الجمع العام، والمريدين الذين يحضرون للتصويت وفق ظروف معينة قد تتم بالتواطؤ مع الإدارة، وتقوم على انتهاز الفرض الضائعة في هذا الزمن الرديء للحصول على المكتب بأي ثمن ،فيشاهد الرئيس الذي أصبح يمثل *اللصوصية التربوية *في أجلى مظاهرها في بداية الموسم الدراسي، يتلهف لجمع أموال التلاميذ محددا قيمة المساهمة وفق مزاجيته الخاصة. وبعد استقرار الموسم الدراسي يكون شهر أكتوبر كافيا لتوزيع التركة على كل من *ساهم*في طبخ المكتب ،وتبدأ العملية بصرف مبلغ زهيد على المؤسسة في شكل إصلاحات تافهة لتصبح فخرا، رغم أن ما أنجز قد يدخل في إطار البرنامج الإستعجالي، فيصبح على الأفواه التائهة للصياح المجاني أنه من إنجازات جمعية الآباء ،وما أن يصل شهر نونبر حتى ينصرف الكل إلى حال سبيله غانما بما حصل عليه، فلا يقترب من المؤسسة إلا للتملي بالجلوس في منصة، أو إلقاء كلمة ما، بل يضرب مع المؤسسة موعدا لن يخلفه في الموسم المقبل، فتبقى مصالح التلاميذ في مهب الرياح….ويدهم هذا أن الإدارة هي التي تتكلف بجمع واجبات الجمعية عبر فرد يحدد للأب المبلغ الإجمالي للتسجيل ،رغم أن الإنخراط هو طوعي وليس إجباري .وإذا كان هذا هو الحال فكيف سيكون الواجب إذا كان أحد أعضاء المكتب ممثلا لها في أجهزة تقريرية تضم وتتدخل فيها قطاعات أخرى.
الصنف الثاني :وهو الذي يكون عبدا مأمورا للإدارة ، يترك المدير يجمع الأموال التلاميذ الذين قد يكون من ضمنهم يتامى حسب أهوائه الشخصية، ووفق الفواتير المفبركة، وإذا وجد مكتبا قد تجاوز حالة الضعف إلى أضعف، فلا يتردد في تفويت الأموال لحسابه الخاص دون رقيب أو حسيب.
الصنف الثالث: وهو الذي يمثل الأقلية طبعا، حيث يسهر على التواجد بالمؤسسة يوما بعد يوم، يجمع الأموال بشفافية ويصرفها بشفافية في مصالح بادية للعيان، يستفيد منها التلاميذ والمؤسسة عامة ،كما يبحث عن شراكات لمصلحة التلاميذ ،يصدر بيانات تنديدية، وينظم وقفات احتجاجية، ويصدح بصوته في كل الملتقيات احتجاجا على وضعية التعليم الحالية التي يكون الضحية الأول هو التلميذ.
لكن يبدو أن الإشكال المطروح لهذه الوضعية الشاذة هو تشريعي وتنفيذي في نفس الوقت، فالمشرع استهدف ترك الآباء وأولياء التلاميذ لتنسيق الأمور دون تدخل من الدولة لتفعيل أدوار المجتمع المدني ،لكن يبدو أن وضعية بعض جمعيات الآباء يجب أن يعاد فيها النظر من خلال المقترحات الآتية:
• وضع شبه رقابة على أموالها من طرف النيابة الإقليمية للحد من صلاحيات المكتب .
• التنصيص على بعض حالات التنافي والمنع من العضوية، فهناك أعضاء في مسؤوليات عدة ما لا هم آباء ولا أولياء .الجواب نجده في الفلسفة المؤطرة للصنف الأول من الجمعيات.
• تحديد أبواب صرف الميزانية إسوة بالقانون النظم لجمعية التعاون المدرسي والجمعيات الرياضية المدرسية.
إنها مقترحات قد تكون كفيلة للحد من جشع وانتهازية بعض أعضاء جمعيات الآباء وعدم تركها بقرة حلوب في يد البعض….