* أن يجتمع اثنان تحت سقف واحد ثم تقول لهما لا تختلفا فكأنك تطلب ممن قذفته في البحر أن لا يبتل!. نعم فمن الطبيعي أن تنشأ الخلافات بينهما لأنهما نشئا في بيئتين مختلفتين, فهما ذوا طباع وعادات مختلفة. من يقول لك أن حياته الزوجية خالية تماما من الخلافات فاعلمي أن هناك خطأ ما. قد يكون هناك زوج- أو زوجة!- متسلط, وزوجة- أو زوج!- خانعة لا تعرف غير السمع والطاعة. وقد يكون الحنق يعترك في داخل كل منهما دون أن يفصحا عنه, فتبدو حياتهما في غاية الهدوء, مع أن لحظة الانفجار تكون قاب قوسين أو أدنى.
* المشكلة الشائعة في الخلافات والنقاشات بين الزوجين أنها لا تنحصر في النقطة الخلافية الحالية التي أثارت النقاش. فساعة من النقاش حول نقطة معينة تنقسم إلى خمس دقائق حول موضوع الخلاف وخمس وخمسين دقيقة حول أحداث (من الماضي) مرتبطة بنقطة الخلاف من قريب أو من بعيد. وهذه تأتي بصيغ متعددة: (هل تذكر عندما قلت كذا وكذا), (هل نسيت عندما كنا في... وفعلت كذا وكذا وعندما سألتك قلت كذا وكذا). العودة إلى الماضي والاستشهاد منه واحدة من أهم أسباب تطاول الخلافات لأنها لم تحسم في ذلك الحين فكيف ستحل الآن؟!. لذا كانت نصيحتنا للأزواج دائما: احذروا العودة إلى الماضي في النقاش ولينحصر النقاش والخلاف حول الموضوع الحالي.
كثيرا ما يشكو الأزواج والزوجات أن الخطأ الذي يقع من الزوج أو الزوجة ويعتذر عنه أو (يعاقب عليه!!) ويصل فيه الطرفان إلى حل نهائي فيه, هذه (الغلطة) لا تنمحي من سجل الخلافات الزوجية. وتبقى تذكر بها زوجها- مثلا- مدة طويلة: (هل تذكر عندما فعلت كذا وكذا). هذه نقطة هامة, إذ ما تم الاعتذار عنه أو طي صفحته سابقا, يجب ألا يذكر مهما احتد الخلاف.
* أسوأ أشكال الخلافات هي تلك الخلافات التي تنشب ليس بسبب الاختلاف في الطباع, بل الخلاف من أجل الخلاف نفسه.. وأقصد أن الزوجين يخوضان معارك لإثبات الذات أمام الآخر.. فكل منهما يرسل رسالة للآخر مضمونها: (أنا موجود ولن تسيطر علي). نعم هذا هو الدافع الخفي لكثير من الخلافات الزوجية والتي تدور كل مرة حول موضوع مختلف. لذا أريدك أن تتفحصي هذا الدافع داخل نفسك, لأن اعتبار الحياة الزوجية معركة (كرامة!) بين الزوجين يعتبر من أهم مكدرات الحياة ومنغصاتها.
* في أي خلاف عائلي, لا بد أن نتذكر أن هناك خطوطا حمراء لا يمكن تجاوزها مهما كان السبب. الازدراء واحتقار الطرف الآخر والتقليل من شأنه: (أنت قليلة الأصل!, قليلة التربية!) والمساس بأحد الوالدين لأي من الزوجين وغيرها من أمور لا يجوز الاقتراب منها مهما كانت حدة الخلاف. لابد أن يهيئ كل من الزوجين نفسه بهذه الفكرة قبل حدوث الخلاف لأنه في ساعة الغضب يفقد الكثير السيطرة على أعصابه ومجرى حديثه. وإذا وقع الاقتراب من هذه المناطق الممنوعة فهذا يستوجب الاعتذار الحالي والمشدد من الطرف الآخر حتى لو كان هو المخطئ. كوني واعية إلى أن تجاوز مثل هذه الحدود يسبب جرحا نفسيا غائرا من الصعب التئامه أو نسيانه. وسيبقى سببا وجيها لأي خلاف في المستقبل.
* اقترح العالم حايم جينوت صيغة مثالية في الشكوى والتذمر بين الزوجين: وهو أسلوب (س ص ع). حيث تأتي الشكوى على هذه الصيغة: إذا فعلت (س) فهذا يجعلني أشعر بـ (ص) وكان من الأفضل أن تكون قد فعلت (ع). وعلى سبيل المثال: "عندما لم تتصل بي لتبلغني بأنك ستتأخر عن موعد عشائنا (س), شعرت بالغضب ولم تكن محل تقديري (ص), وكنت أتمنى أن تتصل بي لأعرف بأنك ستتأخر (ع)". وهذا بدلا من قولك: (أنت مهمل وكاذب وأناني..) والتي تحول الموقف من خلاف على سلوك أو فعل إلى معركة شخصية.
* أننا لا بد أن نتذكر أن الحياة ليست مثالية وأن الأمور في كثير من الأحيان تسير على غير ما نهوى. من يؤمن بهذه الفكرة منذ البداية سوف يتجنب الكثير من الأذى الذي تسببها أحداث الحياة المتكررة والتي تجني علينا دون ذنب ارتكبناه.
* عندما نصر على حنقنا وغضبنا من شخص آخر فإننا نعاقب بذلك أنفسنا أشد العقوبة! لما يخلفه هذا الحنق والغضب من آثار سيئة على سعادة أرواحنا وصفاء نفوسنا. فإذا رغبت في أن تكوني شخصا مسالما فيجب عليك أن تتذكري أن:
كونك على حق ليس أهم من أن تكوني سعيدة.
ولكي تكوني سعيدة فعليك أن تتسامحي وتبدئي دائما بالحديث الودي لتكسري دائرة الخصام, وبذلك تخلقين جوا مليئا بالحب والطمأنينة والسلام.
* كثرة الخلافات الزوجية تنزع من القلب السكينة والطمئانينة والسلام الداخلي وتشغلنا عن الاستمتاع بحياتنا, وأن نصرفها فيما ينفعنا تقربا إلى الله ورعاية لأطفالنا. ولأنه لا يوجد خلاف يستمر من طرف واحد فقط, ففي المرة القادمة, عندما يبدأ النقاش تذكري كم تفقدين بسبب الجدال من صحتك, وسكينة قلبك, ولحظات عمرك والتي يمكن أن تصرف في أمور أكثر جمالا وخيرا. عند ذلك أوقفي النقاش واصرفي انتباه زوجك إلى حدث آخر, أو إلى تخطيط للمستقبل, أو غير ذلك.
منقول