[شعر الرجل بأنه يتعرض للسرقة، فما كان منه إلا أن تربص باللص واشتبك معه في عراك مكنه من أن يمسك بخناقه. وإزاء المقاومة العنيدة التي أبداها فإنه أحكم قبضته على رقبته ولم يتركه إلا بعد أن سقط اللص جثة هامدة.
وحين اطمأن إلى أنه تخلص منه، فتح عينيه واكتشف أنه كان يحلم. وما إن استعاد وعيه حتى صرخ مما رآه لأن مفاجأة صادمة كانت تنتظره، إذ وجد أن اللص الذي قام بخنقه لم يكن سوى زوجته التي كانت ترقد إلى جواره!
هذه ليست قصة خيالية، ولكنها حقيقية، بطلها بريطاني عمره (59 عاما) واسمه براين توماس، وزوجته القتيلة كريستين عمرها (57 عاما). وهما يسكنان في مدينة سوانزي البريطانية.
والجريمة لم تشغل الرأي العام الإنجليزي طوال الأشهر العشرة الماضية فحسب، ولكنها حيرت القضاة ورجال القانون أيضا. لأنها المرة الأولى التي تعرض فيها قضية بهذه الملابسات أمام القضاء البريطاني. وكانت المشكلة التي واجهت المحققين والقضاة هي كيفية التثبت من صحة أقوال الرجل، لتحديد مدى مسؤوليته عما حدث.
أثناء التحقيق سألوا أفراد أسرته عن طبيعة علاقته مع زوجته، فقال شقيقه ريموند:
إن براين كان يوصف بأنه «الرجل المحب»، وأن علاقة حب عميق ربطته بزوجته كريستين طوال الأربعين عاما الماضية، وظلا طوال تلك الفترة في حالة من التفاهم والانسجام كان يضرب بها المثل في الأوساط المحيطة بهما.
وحين استنطقوا آخرين من أصدقائهما فإن إفادتهم لم تختلف كثيرا عما قاله الشقيق ريموند.
حين لم يجد المحققون خيطا يفسر الجريمة في محيط الأسرة والأصدقاء. واقتنعوا بأنه لم توجد أسباب شخصية أو عائلية تبرر القتل. فإنهم لجأوا إلى فريق من المتخصصين في الطب النفسي، وسألوهم عن إمكانية تصديق رواية الزوج القاتل.
وكانت خلاصة رأيهم أن النائم يمكن أن يرتكب أفعالا كثيرة، منها القتل، وهو مغيب الوعي، الأمر الذي ينتفي فيه العمد والقصد الجنائي.
وهذا السلوك يوصف في الطب النفسي باسم «أوتوماتيزم». وهو يعني الأفعال اللاإرادية التي يقدم عليها المرء فينفذها عندما لا يكون واعيا، ودون أن يكون على علم بطبيعتها.
وانتهوا إلى أنه من الناحية القانونية فإن الإنسان في هذه الحالة لا يعد مسؤولا عن أفعاله.
أخذت المحكمة برأي الأطباء وبرأت الرجل من تهمة القتل، وعبر شقيقه ريموند عن سعادته بالحكم، لكنه لم يخف شعوره بالحزن والإشفاق على أخيه توماس الذي سيعيش بقية حياته وهو يشعر بالذنب لأنه قتل بيديه المرأة التي أحبها وأخلص لها طوال أربعين عاما. الأمر الذي أنهى القضية بصورة درامية حصل بمقتضاها الرجل على البراءة من محكمة الجنايات، لكي يظل بقية عمره مدانا أمام محكمة الضمير]!].
تحياتي للجميع